/ / الشيخ عبد الرازق حماد أبو ستة

الشيخ عبد الرازق حماد أبو ستة

بقلم/ الاستاذ محمود أحمد أبو ستة

إن الحديث عن هذا الشيخ حديثٌ عن نموذج فريد في الوطنية ذو نفس أبية متواضعة
وهِمة عالية في زمانه، كان صاحب رؤيا عميقة للأمور تجاه القضية الفلسطينية.

رجل نزيه نظيف اليد، لا يملك في فلسطين شبراً واحداً من الأرض، تعلّم القراءة
والكتابة في مصر وقرأ صحف مصر كالأهرام والمقطم، وكان مثقفاً عاصر زعماء
مصر سعد زغلول ومصطفى كامل وغيرهما.

كان يأتي لزيارة أعمامه في المعين وفي آخر زيارة له رأى اليهود يشترون الأراضي
في بئر السبع لإقامة المستعمرات يساعدهم في ذلك ضعاف النفوس من السماسرة
وباعة الأراضي، فلم يطق السكوت على هذا الوضع فقام بتشكيل جمعية 'البدو

العربية' في بئر السبع لمقاومة الاحتلال البريطاني والعملاء واليهود.

كان هدف الجمعية وقف عملية الاستيطان الصهيوني في النقب خاصة وفي فلسطين عامة،
وضد استمرار صفقات شراء الأراضي الفلسطينية. فقد تصدى هذا الشيخ للزحف
اليهودي بكل ما أوتي من قوة ودبلوماسية رافضاً أنواع الإغراءات المادية
والمعنوية، ونجحت الجمعية برئاسته وأصبح لها نفوذ كبير في قضاء بئر السبع،
وشعر اليهود بهذا الخطر الذي يهدد مساعيهم لشراء الأراضي فاتصلوا به سراً

وأرسلوا له من يغريه بالمال، ولكنه رفض هذا الإغراء بالمال الزائل.

أستذكر حادثةً، أنه علم يوماً من أتباعه أن شخصاً يبيع الآن ويسلم أحد اليهود
قطعة أرض في موقع الدنقور، فركب ومعه بعض الفرسان مثل عابد أبو معيلق
وأحمد بن عياش وعبد العزيز أبو ختلة فوصلوا موقع البيع ووجدوا اليهودي
هناك وعنده صاحب الأرض فنزل عبد الرازق من على فرسه شاهراً سيفه يريد ذبح
اليهودي، فنزل أصحابه ومنعوه من ذلك وهرب صاحب الأرض واليهودي معه، وأقام
دعوى ضد عبد الرازق مدعياً أنه يريد ذبحه بالسيف، وبعد فترة حضر عبد
الرازق المحكمة في بئر السبع، ورفض القاضي أن يقول حَكمتك، بل أرجو دفع
غرامة ثلاثة جنيهات!. وأرسل برقية لوزير المستعمرات البريطاني يقول فيها

كافئوا اليهود من لندنكم وليس من فلسطين العربية.

وقد اعتُقل على إثر ذلك في عكا مع المجاهدين، وتعامل مع الشعب بطريقة فريدة من
خلال ندوات منظمة بالتعاون مع أفراد الشعب في مضارب العشائر والقبائل من
أجل تنوير بصيرتهم وتنمية الروح الوطنية لديهم، وليزيد من تعلقهم بأرضهم
وحبها، فهم يلمسونها ويحبونها ويعرفونها قطعةً قطعةً وحجراً حجراً. كما
نشر الوعي بحقيقة المؤامرة للأطماع الصهيونية، واستطاع أن يُفهم العقول
الأسلوب الصحيح للتعامل مع السماسرة وباعة الأراضي مستخدماً الخطب الدينية
وبصوت يصدح باسم الوطنية خطيباً يناشد الشعب أن يستيقظ من سباته وأن يهب
للدفاع عن أرضه في وجه أولئك الذين أتوا ليسلبوه أرضه كما كان يستحلفهم

بأن لا يبيعوا شبراً من الأرض وينهي خطبته 'تحيا الأمة العربية'.

وكان يحمل على الزعماء الذين يتظاهرون بالسهر على المصالح الوطنية في الوقت
الذي ينغمسون فيه بعمليات السمسرة على بيع الأراضي لليهود، ومن أقواله
المأثورة 'إياكم أن تبيعوا اليهود أرضكم ولا تترددوا في استعمال القوة

لمنع الأشخاص من بيع أراضيهم وأن تطردوا سماسرة بيع الأرض وتلعنوهم'.

تعرّض لملاحقة القوات البريطانية لندواته وحرق البيوت التي كان يبنيها للاجتماع
في مضارب العشائر والقبائل، واستمرت الجمعية في مقاومة السماسرة والاحتلال
وعلى رأسها عبد الرازق أبو ستة الذي بقي شريفاً نزيهاً حتى آخر أيامه وسقط
شهيداً عن قضاء بئر السبع خاصة وعن فلسطين عامة، ولقب بـ'غاندي فلسطين'
لنزاهته

عن الكاتب :

شاب مغربي أحب كل جديد في عالم الانترنت من مواقع وبرامج واحب التدوين ودائما ابحث عن الجديد لتطوير مهاراتي في مختلف الميادين التي تعجبني لكي انقل معرفتي وتجاربي لآخرين حتى يستفيدوا بقدر ما استفدت انا ;)
الموضوع السابق : إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي : إنتقل إلى الموضوع القادم

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.